الخميس، 5 نوفمبر 2009

تابوت...


مضت عشرة أعوام على هطول الأمطار وبدأت الأرض في الجفاف الشديد الذي بدأ يصل البشر الذين يعيشوا في تلك المنطقة..كثير من الناس الذين بدؤوا بالرحيل من تلك الاراضي ويتركون ورائهم أما أطفال صغار أو أهل ضعاف أو لا شيء يبقى ورائهم...
يرحلون كي يبحثوا عن سُبل العيش في بقاع الأرض ..يرضون بما هو اقل من المستوى المطلوب لحياة البشر فقط كي يضل النفس يزور صدورهم وكي يضلوا يشعروا بدفء الشمس عند سطوعها...
قرر (صابر) الرحيل إلى المستقبل المبهم..قرر أن يشق طريق في ذلك الغيب عله يعود يوماً لزوجته وابنه الذي مازال جنين بكسرة الخبز...علة يعود بأمل أن يحتويهم بأمان وبراحه طالما حلم بها هو لنفسه...
جاء ابنه للحياة وقاسى الكثير من الجوع ومن قلة المعاني للحياة ..لم تكن حياة تلك التي عاشها هو واقرأنه مع أمهاتهم في تلك المنطقة التي قد أصبحت قريبة جدا من صحراء ضارية ..وبرغم كل الصعاب التي مروا بها جميعاً إلا انه مازال في أعينهم بريق لأمل كبير بأن غداً سيأتي بأفضل مما أتى به اليوم...
سأل أمه ذات يوم:- أمي متى سيعود أبي؟!...أجابته بحسرة مغلفهٌ بقوة وبشغف وبشعور أكيد بالعودة التي لا مفر منها:- سيعود عما قريب حينما يحين وقت عودته وفي يديه الكثير من الملابس والأكل والحلوى..ضحك الابن وقال :- أمي ما هي الحلوى؟! ..تبسمت الأم وقالت :- شيء نأكله فقط لأن طعمه حلو جدا ويغمر الأولاد بالسعادة وستحظى أنت وأصدقائك بالكثير منها...
كان الطفل الصغير يكبر كل يوم برغم قسوة المكان وقسوة الحياة وكان يحكي لنفسه:- "غداً عندما يعود أبي سيراني رجل كبير وسيأخذني إلى حيث هو وسنعمل معاً كي نستطع إقامة أعمدة بيتنا الذي سيضمنا بكل ما فيه من زوايا..".....
ظل ينظر السماء في كل ليلة وينظر كم فيها من نجوم وكان يعلم جيداً بان تلك النجوم تعرف أين أباه وتراه فقرر أن يعتبر أحدها أباه...كان كل يوم يظل يراقب ذلك النجم بعينه دون سواه ويحكي له الكثير عما يجول في خاطره..
سعى (صابر) بكل قواه كي يجد عمل في أي شيء أمامه لم يكن يكترث غير على أن يحصل على لقمة يسد بها رمقه وشيء من المال البسيط جدا كي يرسله لأهله...مشى كثيراً حتى تفطرت رجليه دماً ..نام ليالٍ عديدة دون أن يأكل شيء أو حتى يرتشف رشفة ماء...عانى من التفريق الذي كان يوجد في المجتمع الذي رضي بان يشتغل فيه..
جاء القدر ورمى به جثة هامدة تحت إطار أحدى المركبات التي كانت على الخط السريع..ولم يكترث له أحد .....
كان الابن مقارب العشر السنوات في العُمر..وأتى في تلك الليلة كي يتحدث مع النجم وتفاجئ عندما لم يجد ذاك النجم ..كان يشعر بحزن لا يعرف ما سببه وكان يود الصراخ والبكاء فقط ليسمعه النجم وهو يقول له:- "عُد لا تتركني وحدي كما فعلت من قبل"...
جاءت البرقية إلى القرية لتقول لهم لتذهبوا تستلموا تابوت جثة (صابر) من على حدود القرية فقد مات في غربته ولم يكترث له أحد...
ما الحياة؟!...ما الإنسان؟!..ما الكرامة التي كرم الله بها الإنسان دون غيره؟! ما المعنى للوجود؟!..ما معنى أن يعيش الإنسان في طبقيه؟!..في عبودية؟!..في لا إنسانه؟!...
يا الله يا الله يا الله.............تدور دوامة الحياة بقوانين لا يحدها أي منطق وتتسارع الدورات حتى لأنها تكاد تقذف بكل شيء ....رحماك ربي...

هناك 6 تعليقات:

  1. بصراحة مدونة جميلة جدا

    فيروز

    ردحذف
  2. لولا هذا التفاوت لما تمكنا من معرفة أصناف البشر.. مدى إنسانيته.. أو بالأحرى حقيقة ذواتنا!
    كتاباتك غاية في الروعة.. تحياتي

    ردحذف
  3. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  4. كتابتك مره حلوه وتعجبني واقعد اقراها ليل ونهار

    المحبه لكي
    ابنة خالك الحلوه

    ردحذف
  5. الله يتقبل أعمالكم.. وعيدكم مبارك وأيامكم سعيدة وكل عام وأنتم بألف خير وصحة وسلامة.. وتحقيق الأماني

    ردحذف
  6. جميلة بجد بس محتاجة شوية مراجعة صغيرة فى الفردات وتركيب الجمل فى بعض الاجزاء
    وياريت متحطيش تعليقفى الاخر او تبينى القيمة فى الاخر او تقولى وجهة نظرك او اللى انتى عاوزة تقولية فى الاخر وخلية يطلع من مضمون القصة او ايا كان اللى كتباة قصة خواطر مقالة ومشكورة كتير حلوة جدا

    ردحذف